عينا الجحيم.. المشهد الأول, اللقاء

May 21, 2012 10:07

.

أوه! توي انتبه اني مانزلت المشهد الأول من قصة (عينا الجحيم)
الفصل هذا كتبته مع القصص الثلاث الأولى بوقت التحدي ._.

وكل مره أأجل اني أنزله بس عشان أعدل نهايته وأخليها حلوه! ميت2 وماعدلت فيه شي بنزله مثل ما أنهيته


نامت مدينة الضباب, لندن بعد عناء يوم طويل.. لا يضيء شوارعها سوى قناديل بالكاد تضيء ماتحتها فقط. وجودها لا يعني شيئاً بسبب انتشار الضباب حول المدينة, يلفها كشرنقة ضعيفة.. ويبقيها في حضنه حتى شروق الشمس, التي تزيحه رغماً عنه.

في هذه الأجواء الشاحبة, شاب طويل يجوب المدينة يبحث فيها كعادته عن شخص لن يتم افتقاده في الصباح, لمحة منه تخبرك بأنه يوازي هذه المدينة كآبة وظلمة!

"هذا غريب" قال كيڤن في نفسه, "أين الطفلة التي كانت تبيع الزهور طوال الاسبوع؟" ليس من العجب تساؤله ذاك فهو متواجد منذ وقت طويل ويعرف بسرعة مايستجد من الأمور, نعم وكذلك الأشخاص. تابع طريقه وإذ به يسمع صوت عربة قادمة "من المجنون الذي يقود في الظلام ؟" وعندما وقعت عينيه على طريق العربة وجدها! فقدت وعيها في منتصف الطريق! أسرع يحملها قبل أن تدهسها العربة لكن لايمكنه الابتعاد فصرخ كي تتوقف, سحب قائدها لجام الخيول بقوة وانحرف بها يمينا كي يتجنب الاصطدام به واختل توازن العربة. شتائم ارتفعت من داخلها وفتح بابها بغضب, "مالذي فعلته أيها الأحمق؟" صرخ صاحبها, فأجاب السائق بتردد:"ولكنه كان واقفاً أمامي", "سحقاً لك ولم لم تدهسه؟ هل تجرؤ على إلحاق الأذى بي فقط من أجل تافه مثله؟" التفت إلى  كيڤن كي يتابع سبابه عليه وما ان التقت أعينهما حتى بدأ بالصراخ, فعينيه اتسعتا من الهلع! شعلتان من نار  تحدقان به وفم كشف عن أنياب مرعبة "يبدو بأنني وجدت عشائي الليلة, شكراً لك" قالها كيڤن منقضا على الرجل

انتبه مرغماً عندما سمع أنيناً خافتاً يصدر منها, ما جعله يقطع وجبة عشائه في منتصفها, ليتذكر بأنه قد ضمها بقوة إلى صدره.. تفحص حالها فوجد حرارتها مرتفعة جداً وجسدها هزيل يرتجف.. لا يستطيع تركها بهذه الحال, حملها واختفيا داخل الضباب...

.
.
.

فتحت عينيها ببطء, لا ترى شيئا مالذي يحدث! جلست بسرعة فسقطت قطعة قماش مبتلة بحضنها وأحست بدوار عنيف أرغمها على الاستلقاء مرة أخرى.. ولكنها أصبحت ترى جيّداً الآن, "هاها لا داعي للخوف, إذاً فقطعة القماش كانت تحجب عني الرؤية!" قالت بصوت ملائكي لطيف... "أين أنا, كيف وصلت إلى هذا المكان؟" تمتمت بعفوية وكأنما تحاور شخصاً بجانبها.

أخذت تجول ببصرها في الأنحاء وتتحسس الفراش واللحاف وتتأمل المكان فيتملكها العجب أكثر وأكثر..
"السقف مرتفع جداً هل سأتمكن من لمسه عندما أكبر؟" قالت بلهفة ثم تابعت "وااه والفراش ناعم ودافئ أريد أن أقفز عليه" فأردفت بصوت حزين "ولكن الدوار سيعاودني ان فعلت" "ولكنني سأجرب!" بدأت بالجلوس رويداً رويداً فاتكأت على حد السرير  حتى تتغلب على الدوار "همم مكان كبيير, هل هذا المكان قصر سحري؟ وااه أريد أن أرقص في ساحته الكبيرة هذه"

كانت تحدث نفسها بصوت عالٍ والتفتت فوجدت شخصاً نائماً على الأريكة جانب السرير قد غطى عينيه بيده اليمنى, وأسدل الأخرى عبر الأريكة وبينما تراقبه الطفلة سقطت يده في الهواء.. "أوه مالذي يفعله هنا؟ هل يحس بالتعب؟ يجب أن أساعده" تحركت من مكانها بهدوء تجنباً للدوار أزاحت غطاءها وأمسكته بيديها ونزلت عن السرير بقدمين عاريتين "اووه الأرض دافئة أيضاً" اقتربت من الشخص وألقت اللحاف من يديها ثم أمسكت بيده "إنها باردة جداً! يجب أن أقوم بتغطيته جيّداً كي يحس بالدفء" أعادتها إلى مكانها وأخذت تراقب ملامحه بفضول, "فمه حزين جداً, هل يشاهد كابوساً أزعجه في حلمه؟" مدت يديها كي تزيح يده اليمنى عن عينيه فأمسك بيدها مفاجئاً إياها, ارتجفت و صرخت مازال مغمضاً عينيه
"مالذي تفعلينه؟" سألها ومازال ممسكاً بيدها بقوة,
"لقد جئت بالغطاء لأنك تشعر بالبرد"
"لا داعي لذلك, اذهبي للنوم"
"هل كنت تشاهد كابوساً؟"
"هذا ليس من شأنك"
"ولكنك كنت حزيناً جدا"
أفلت يدها والتفت بجسمه للجهة اليمنى كي لا تتمكن من مشاهدة وجهه وسألها: "هل أكلت شيئاً؟" "لا"
"اذهبي وكلي ماترغبين, هناك بجانب المدفأة.. واصمتي"
مشت ثم انتبهت للغطاء فأخذته ووضعته على قدميه, أمسك به بسرعة ورماه على الأرض.. "قلت لك لا داعي لذلك".. لم تعلق الطفلة وذهبت كي تأكل لأنها كانت تحس بالجوع الشديد,
وعندما وصلت شهقت بصوت عالٍ "وااه هل هناك مناسبة احتفالية اليوم؟ يوجد خبز وحساء وأيضاً كعك شهي, هناك حليب أيضاً, إييه! ولكنه قال لي بأن آكل فقط"
قالت بحزن, ثم عادت إليه ووقفت مرتبكة خلفه, لم تقل شيئاً.. "هل هو نائم؟" فكرت قليلا ثم سألته "هل انت نائم؟",
أجابها بتأفف "ماذا تريدين؟"
قالت بتردد وبصوت خجول "هل أستطيع شرب بعض الحليب؟",
"أخبرتك بأن تأكلي كل ماترغبين بأكله"
"والحساء أيضاً؟",
"كل ذلك الطعام لك, كلي قدر ماتشائين, هل كلامي واضح؟"
قاومت صرخة ابتهاج لم تستطع كبتها ثم قذفت بنفسها عليه وقبلت وجنته بقوة "شكراً لك يا أميري"

توقف تنفسه لبرهة بسبب مفاجئتها الغير متوقعة ثم تجهمت ملامحه.. وما ان جلس غاضباً حتى وجدها قد بدأت تأكل مصدرة أصواتاً مبهجة, لقد نسيته كلياً لم تنتظر حتى ردة فعله! ظل يتأملها وهي تأكل بسعادة غامرة وابتسامتها تحاول إغرائه بأن يوقف الزمن فقط ليظل محدقاً بجمالها...

بينما يراقبها كان يتسائل "من أين أتت, وأين والديها؟ طفلة بهذا الجمال كيف تستطيع والدتها تركها لتقوم ببيع الزهور كل ليلة؟ في ذلك المكان الخطر؟ متأملاً ملامحها تبدو من عائلة نبيلة وليست من العوام.. هي قطعاً ليست من هنا ربما أتت من الشمال, ربما فأهل الشمال البعيد يمتازون بمثل تلك البشرة الناصعة البياض.. وبذات الشعر الأشقر الثلجيّ وشفاهها ممتلئة بلون البرتقال, اما عيناها, لم أتمكن من مشاهدتما عن قرب ولا أستطيع تمييز لونهما من هنا" توقف عنند رؤيتها تنهض من مكانها أسند رأسه على كفيه مغطياً عينيه عنها...
مدت له قطعة كعك "لا أريد أخبرتك بأن تأكلي وحدك" ,
"ألا تشعر بالجوع؟ لقد كنت متعباً هل تحس بالدفء الآن" مدت يدينها تتحسس كفيه فصرخ بها
"ابتعدي, لاتقتربي مني"
صمتت ثم بدأت تتقطع أنفاسها وبصوت باكٍ قالت: "هل أنت خائف مني؟ هل تخاف أن تصيبك لعنة بسببي؟ لن أدع ذلك يحدث لك, فأنت شخص طيب"
رفع رأسه بذهول متأملاً وجهها وهي تتحدث.. عينيها الباكيتان كانتا بلون الكرز تميلان أكثر للأحمرار, واسعتان وآسرتان.. "لا مهلاً, انا لست خائفاً منك, انا... سحقاً" انتبه وأغمض عينيه بشدة :"لاتنظري إلي, انتبهي أبعدي نظرك عني لا تنظري إلى عينيّ مباشرة" ولكن الأوان قد فات,
فقد كانت تحدق به منتظرة ردة فعله ثم سألته ببراءة "لماذا؟"
كان يؤنب نفسه بشدة "ماذنب الطفلة الصغيرة كي أغرقها في جحيم عيني, أرجوك لا تبدأي بالصراخ لن أحتمل ذلك أرجوك" ولكن لم يحدث شيء.. فأعادت الطفلة سؤالها مرة أخرى "لماذا لا تريدني أن أنظر في عينيك؟ لونهما جميل جداً ولكنه حزين, إنهما بلون الغروب " تفاجأ كيڤن! لقد رأتهما ولم يحدث شيء!! لا يعقل ذلك.
أمسكت وجهه البارد بيديها الصغيرتين الدافئتين, مازال كيڤن منذهل مما حدث "أتعلم يا أميري الحزين, إنهم دائماً يخبرونني بأنني فتاة ملعونة"
قالتها بصوت تملؤه الحسرة والإحساس بالظلم
"ذلك ليس صحيحاً يا صغيرة" أجابها بصوت متردد
"ولكنك تتجاهل رؤيتي أنت أيضاً, هل تخاف مني؟"
رد بسرعة:"لا, لا لست خائفاً منك, بل أخاف عليك من عينيّ",
"لماذا؟" تأملها من بين أصابع يديه وما إن شاهد الانكسار في ملامحها حتى اختل تنفسه مرة أخرى..
"إلهي كيف يخبرون فتاة مثلك بأمور قاسية كهذه".. لم يحتمل أكثر من ذلك أمسك بها وضمها بقوة إلى صدره "استمعي جيّداً ياصغيرة", "اسمي آنيتا"..
"حسناً آنيتا, عيناك جميلتان ومبهجتان, لاتصدقي من يخبرك بأنك ملعونة, فهو قد يحس بالغيرة من جمالك فيرغب بأن يؤذيك بهذا الكلام"
"ولكن, أنت أيضاً.." قاطعها: "هل تأذى أحد منهم من قبل؟ هل آذيتِ أحداً؟",
أجابته وهي تفكر:"كلا, فقط يقولون بأن والدي قد ماتا بسببي, وبأنني أجلب سوء الحظ معي دائماً ولذلك فقد كسرت ساق أحدهم بينما كنا نلعب في القرية"
سألها " ومن أحضرك إلى لندن إذاً؟"..
"أخبروني بأنني لا أملك منزلاً ولا والدين فقاموا ببيعي إلى شخص يشتري الأطفال كي يعملوا معه",
"ارأيتِ آنيتا؟ لم تؤذ أحداً من قبل, فأنت لست ملعونة.. ولكن في المقابل عينيّ تسبب الأذى لمن يشاهدها, فالناس يبدأون بالصراخ عندما يتأملونها, ولذلك يجب أن أخفيها عنهم كي لا أضطر لأذيتهم"
قالت متعجبة: " ولكنها لم تسبب لي الأذى"..
"لم آتناول مايكفي لتهدئتها الآن, قد أرعبك في أية لحظة, لا أريدك أن تتأذيّ",
قالت له غاضبة "ماذا سوف تفعل إذاً؟ هل ستبقى ملتصقاً بي طوال الوقت؟ يا أميري الأحمق"
وكأنما صعقته بكلامها فانتفض وأبعدها عنه فضحكت بصوت عالٍ,
قال بصوت غاضب:" أنا لست أميرك يا طفلة" اقتربت منه وهي تضحك وأزاحت خصلات شعره الكثيف عن عينيه بأصابعها اللطيفة الصغيرة "أنت أميري الوسيم سوف تحميني دائماً وتدللني" لم يقاوم ولم يغمض عينيه,
سيرى ما إذا كانت لعنته الوحشية ستطال الأطفال ببرائتهم الجميلة, عندها سيقوم بقتل نفسه عشرات المرات,
"لماذا أصبحت حزيناً, هل فعلت شيئاً يغضبك؟, هيي أميري الجميل"
انتبه إليها كانت تحدق في وجهه بملامح جادة خائفة, ابتسم لها بلطف " لم تفعلي شيئاً يا صغيرتي, كنت أفكر فقط",
"أتعلم! عيناك رائعتان بحق! إن لونهما يتغير عندما حزنت قبل قليل أصبح لونهما برتقاليّ دافئ وداكن, والآن عندما ابتسمت هما يلمعان بلون غروب شمس ممتع وهادئ" توقفت لبرهة ثم قالت "إييه! كيف أشعر بالدفء وأنا اتأمل عينيك؟"

. انتهى

Previous post Next post
Up